السبت، 2 مارس 2013

نعم أنا اليتيم عمري اليوم عشر سنين, وافت المنية والدي وعمري سبع سنين فتركني ووالدتي وعمرها خمسا وعشرون سنة.



ربي وربكم قال في كتابة العزيز { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ..}[النساء:36]



وقال تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } [الإنسان:8]



وقال:{أوْ إطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد:15] وقال:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } [البقرة:220]



وقال عز وجل: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً} [الكهف:82 ]



المعذرة إن تطاولت عليكم وذكرتكم بما أنتم حافظون له أكثر مني, تعلمون أني يتيم قاصر وما أنا بأعلم منكم.



فقط أريد أن أنبهكم إلى أمور ربما لا تنتبهون إليها وأنا اليتيم المقهور احترق بها في كل وقت وحين.



رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى)).



هل تفهمون أيها المسلمون ما معنى كافل اليتيم؟ أعرف أن أغلبكم يوقر اليتيم ويعرف آلامه لكن القليل منكم من يفهم اليتيم فهما حقيقيا ومن يسعى لكفالة اليتيم.



نعم أنا اليتيم الصغير أنظر إلى أعينكم وافهم منها سبب الحنان الذي يمكن لبعضكم أن يمنحه لي في فرصة من الفرص.



أكون مع والدتي وأنا اليتيم, مع أم شابة جميلة متألمة قابضة على الجمر, فقدت الزوج في عز الشباب, فأراكم تمنحونني حلوى أو ما شابهها وأعينكم تتلصص وجه أمي وكأنكم جعلتموني سلما للنيل من أمي.



تستثيرون أمي وهي الصابرة المحتسبة, هي الراغبة في الحلال وأنتم يا ذئاب البشر تريدونها لكم متعة مؤقتة, وتجعلون من أعطياتكم التافهة لي, طريقا للبلوغ إلى أمي.



أمي صابرة محتسبة لكنها شابة تتألم من نظراتهم وغمزاتكم ومن جرأة الوقحين منكم, تتألم ليلا واسمع شهيقها وأحس بدمعها فوق وسادتها.



أنام بجانب والدتي فأتعذب أكثر منها, هي تحسبني نائما فتبكي وابكي لبكائها في صمت. ابكي من داخلي وقلبي ينفطر على أمي وآلامها.



لم أجد منكم رجلا شهما يفهم ما معنى كفالة اليتيم؟ وما معنى العناية باليتيم؟ كلكم تهينونني وتشترون مني كرامتي وراحة أمي بحلوى تافهة.



أغلبكم ذئاب بشرية ألقى منكم الصفع في أعينكم ومنكم من إن صدته والدتي أو لم تنتبه إليه حتى وجه إلي نظراته الإجرامية وكأنه يهددني ويتوعدني.



تبا وسحقا لك أيها الحقير الذي تدعي انك تساهم في كفالة اليتيم وأنت من أجل جسد أمي والعبث به تسعى.



شهم واحد أحس من نظرته إلي أنه حقا فهم ما معنى كفالة اليتيم, يحبني ويفرحني من كل قلبه, ينظر إلى أمي نظرة احترام وتقدير, أرى في وجهه وهو ينظر إليها الرضى.



افرح بنظراته لأمي, أرى احمرار وجه أمي كلما نظر إليها. أيقنت أنها تسعد بنظراته إليها وأنها فهمت منه أنه يريدها زوجة له لا خليلة أو عشيقة.



الرجل المرضي الخير له زوجة وأبناء. أحست الزوجة العبوس الحسود من نظرات زوجها لأمي أنه ينوي الزواج بها.



صبت علي العبوس جام غضبها ونقمتها, نظراتها إلي كالسهام, تعطي الجميع من أقراني الحلوى وتحرمني رغبة منها في تنفيري من زوجها الذي أتمنى لو يكون أبي بعد وفاة أبي.



لا تذكر العبوس الحسود, قول الله عز وجل : {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } [الضحى:9 ] علما أنها تدعي وتظهر أنها عابدة وفي المسجد مصلية, لكن غيرتها الحمقاء أنستها إيمانها فأصبحت العبوس الحسود تغلب غيرتها على دين الله رب العالمين.



وقفت العبوس في وجه سعادتي وأمي, وحالت بيننا وبين التنعم بكفالة الرجل الصالح.



أسير في الطريق أتمتم وادعوا على العبوس, اللهم كما حرمتنا فاللهم احرمها ريح الجنة. اللهم أرها من ذل الدنيا ما يقصم ظهرها يا رب العالمين.



مرت سنتين ونيف, سقطت العبوس في منزلها وانكسر ظهرها وأصبحت عاجزة عن خدمة زوجها وبقيت لشهور ممددة مريضة.



أخيرا أشارت على زوجا أن يتزوج أمي لعلها تجد العبوس من يخدمها وهي المريضة.



أمي الشابة الجميلة مخيرة بين معاش تافه حصلت عليه بعد وفاة والدي, وفرض عليها أن تبقى من غير زوج, أو أن تتزوج وتحرم منه.



قانون وطني, قانون يشجع الدعارة والنذالة. قانون وطني فرض على أمي لتحصل على الخبز لي ولها أن تبقى من غير زوج, وإن رغبت في إشباع شهوتها فما عليها إلا أن تكون عاهرة.



قانون صاغه من لا يرحم اليتيم ولا يحض على طعام المسكين, قانون يريد للأرملة أم اليتامى أن تكون عاهرة تربي أبناء موقنين أنها عاهرة فيكونون مجرمين.



أحتملت أمي وهي الكريمة بنت الكرام, الصابرة القابضة على الجمر, النافرة من الحرام المحبة للحلال ولو وراء الصعاب.



قبلت الرجل الصالح لتكون له زوجة وهي تعلم أنها ستخدم أيضا تلك العبوس الحسود, فأصبح لأمي زوج في الحلال تسعد وقل دمعها وألمها, وتمنيت لو تنجب لي أخا أو أختا من الرجل الصالح.



لكن دمعي وألمي لم ينقضي لأني أتألم كلما رأيت أمي تخدم تلك التي كانت تتفنن في تحقيري بين الصبية, تمنيت لو أنسى تلك الإهانات التي توجهها إلي ولم استطع.



وربي هل منكم من يدلني على سبيل أنسى بك تلك الطعنات التي تلقيتها من العبوس الحسود, لعلي استطيع حبس دمعي كلما رأيت أمي تخدمها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق